السبت، 2 أبريل 2011

ثار الشعب على الطغاة. فمتى يثور على ثقافة الطغيان ؟




إن ما تحقق من منجزات ومكاسب هائلة لثورة الخامس والعشرين من يناير قد يكون الآن عرضة للتشويه أو الضياع أو النكوص إذا لم يع الجميع بمن فيهم ما اصطلح على تسميتهم بالنخب السياسية والفكرية أنه لا سبيل أبدا لإحراز تغيير حقيقى الا عن طريق تفعيل ( ثورة شاملة ) بجميع مناحى الحياة وأولها الفكرية والاجتماعية ومن ثم السياسية والاقتصادية, وهذا لن يتأتى بأى حال من الأحوال إلا عن طريق تعاظم قيمة الحريّة والوعى بضرورة التنوير بين الأفراد ليصبح وعيا جمعيا لشعب بأسره وسياقاً عاماً يحكم مواقفه وليس مجرد فورة غضب شعبى مرحلية سرعان ما تهدأ أو إزاحة سياسية لوجوه لتأتى غيرها دون تغير حقيقى فى التوجه والممارسة, وهذا بعينه هو الرهان الحقيقى لأعداء تلك الثورة أو ذيول النظام القديم وحلفائه أى الرهان على غياب الوعى واجترار الخداع والمناورات المكشوفة, ويأتى اللعب على نغمة الاستقرار واستخدام الخطاب الدينى فى توجيه عموم الشعب والتأثير عليهم وصياغة مواقفهم فى مقدمة أدوات التغييب العقلى لنعمة النقد وحق المساءلة وهو ما اتضح جليا أثناء الاستفتاء الأخير على التعديلات الدستورية.

إن المسئولية مشتركة ما بين الجموع والنخب, وأزمة الثقة أو سوء الفهم والتفاهم أبدا لن ينتهى بانتهاء مرحلة سياسية أو بمبادرة فردية, إنها علاقة التكامل والتوحد حول الهدف, فلقد برهنت الثورة على عدم افتقاد المصريين للرغبة أو القدرة فى الحركة النضاليّة والتضحية من أجل التغيير ولكن الأمر فقط بحاجة إلى وضوح فى الرؤى من جانب من يتوهمون أنفسهم قادة ومنظرين ورواد للثورة أو التنوير ومن قبل وضوح الرؤية هم بحاجة إلى الثقة فى الأهداف وهذا لن يتحقق سوى بالالتحام اللصيق والحقيقى مع الناس ( الغلابة ) وأن تعبر كل مسارات الخطاب التنويرى عن مطالب وحاجات الناس وليس عن أطماع شخصية أو أنماط أخرى مضادة من الاستلاب الجماهيرى والتسلق والانتهازية.
بينما يجب أن يتخلص ما اصطلح على تسميته برجل الشارع العادى من ذلك الخوف التاريخى وعدم الثقة تجاه المثقف والمفكر ورجل السياسة. أن يكون اكثر جرأة فى استخدام عقله دون وصاية أو حاجة دوما للآخر سواء كان هذا الآخر قائدا أو شيخا او قسّا. أن تعى الجماهير أنها حقا القائد وتدرك مدى قدرتها الكامنة على التغيير وبأن إرادتها الحرة هى مانح الشرعية الوحيد للمثقف أو الحاكم أو حتى لرجل الدين!

وبخصوص اللحظة التاريخية الراهنة أعتقد بصورة شخصية أن المحك والرهان الحقيقى هو ضرورة بلورة منهج تنويرى واقعى يتفق عليه الأغلبية من المثقفين بالمعنى الاجتماعى التنويرى لا النخبوى ويتم السير فيه بصورة منظمة ومدروسة وجماعية وعن طريق التفعيل الشامل بجميع المناحى السياسية والاجتماعية وارتكانا على آلية إعلامية متميزة فكريا ومهنيا ايضا فهذا أعتقد أنه سيكون كافيا لخلق توجه أو حالة عامة من التوحد حول الهدف أو حتى الإنتباه له وبالتالى يصبح التغيير أكثر سهولة عندما يستند على إرادة الجموع.